إنتوا مش جيل ضايع... إنتوا جيل اختار الضياع بإرادته. جيل اتربى على شاشات، وبنى علاقاته على اللايكات، واستمد قيمته من عدد الفولورز. جيل بيصحى من النوم يمسك الموبايل قبل ما يغسل وشه، وآخر حاجة بيشوفها قبل ما ينام هي حياة ناس تانية مش حياته هو. جيل بيصرخ من الوحدة وهو معاه 5000 صديق أونلاين، وبيشحت الاهتمام في ستوريهات مدتها 15 ثانية. علاقاتكم عبارة عن "سيين" و "ريأكت"، وخناقاتكم بلوكات، وحبكم صور بروفايلات مشتركة. بتقضوا ساعات تتكلموا في الشات عن "اللاشيء"، وتتبادلوا فيديوهات تافهة، وتجروا ورا تريندات بتموت بعد 24 ساعة. ولما الشاشة بتطفي، بتكتشفوا إنكم لوحدكم. لوحدكم بجد. بتاخدوا معلوماتكم من بوستات 3 سطور، ومن فيديوهات ريلز مدتها دقيقة. بقيتوا خبراء في علم النفس من غير ما تفتحوا كتاب واحد. كل الرجالة عندكم "نرجسيين"، وكل الستات "نسويات استحقاقيات". مصطلحات بترموها في وش بعض زي الطوب، من غير ما تفهموا معناها أصلاً. مجرد كلام حافظينه عشان يبان إنكم فاهمين، وإنتوا أبعد ما يكون عن الفهم. يومكم عبارة عن نوم، وتوهان، وسكرول لانهائي في محيط من التفاهة. أفكاركم ثابتة، محفوظة، متغلفة في قوالب جاهزة. رافضين أي فكرة جديدة، رافضين أي نقاش حقيقي، رافضين أي حاجة ممكن تتعب مخكم الصغير اللي اتعود على الوجبات السريعة للمعلومات. ولما حد يواجهكم بحقيقتكم، بتجروا تستخبوا ورا شماعة "الصحة النفسية". أي نقد بقى اسمه "تنمر"، وأي مواجهة بقت "ضغط نفسي". حولتوا مفاهيم عميقة ومهمة لمجرد دروع تحموا بيها هشاشتكم، وكسلكم، ورفضكم للمسؤولية. إنتوا مش ضحايا. إنتوا مشروع استثماري ناجح جداً لمنصات السوشيال ميديا. وقتكم هو السلعة، واهتمامكم هو الفلوس، وفراغكم هو الملعب اللي بيكسبوا فيه المليارات. باعولكم الوهم إنكم محور الكون، وإن رأيكم مهم، وإن حياتكم لازم تبقى فيلم سينمائي... وفي الآخر، سابوكم غرقانين في بحر من الفراغ والسطحية. المشكلة مش في التكنولوجيا. المشكلة فيكم. في الاختيار. في إنكم قبلتوا تكونوا مجرد بيانات في خوارزميات، وأرقام في تحليلات، ومستهلكين لمحتوى فارغ. امتى هتفوقوا؟ امتى هتكسروا الشاشة وتبصوا في المراية؟ امتى هتبطلوا تكونوا صدى صوت، وتبدأوا يبقى ليكم صوت؟ ولا لأ؟

5

4