Marshmallow_28254 🇪🇬
منذ يوم واحد
.
شعور لا مبالٍ
جلسات نفسيه الجلسة الأولى: "ما وراء الصمت" دخلتُ إلى مكتبه ولم يكن في قلبي متسعٌ لرهبة أو فضول. كنتُ فارغاً تماماً، كزجاجةٍ حطمها الهواء قبل أن تصل إليها اليد. لم تكن الغرفة تعنيني، ولا رائحة البخور المنبعثة من زواياها، ولا تلك الكتب المصطفة بنفاقٍ خلف ظهره، وكأنها تدّعي امتلاك أجوبةٍ لأسئلةٍ لم تعد تُطرح أصلاً. ارتميتُ على الكرسيّ بإهمال، لم أنظر إليه. ركزتُ بصري على ذبابةٍ كانت تحاول الانتحار بالاصطدام بزجاج النافذة. كانت أكثر صدقاً مني، هي على الأقل كانت تحاول الخروج، أما أنا.. فكنتُ قد استوطنتُ السقوط. قال بصوتٍ هادئ، هدوءٍ لم ينجح في إثارة ذرة اهتمام في نفسي: "أراكَ بعيداً.. كأنك هنا بجسدك فقط، بينما تركتَ روحك في مكانٍ آخر، أو ربما أضعتها في الطريق." لم أجب. أخرجتُ هاتفي، قلّبتُ في الشاشة بلا هدف، ثم وضعته جانباً. تنهدتُ بمللٍ طافح وقلتُ وأنا لا أزال أنظر إلى الفراغ: "لا تضيع وقتك في وصف حالتي.. لقد سمعتُ كل الأساطير عن 'الروح الضائعة' و'الاغتراب النفسي'. أنا لستُ هنا لأنني أريد التحدث، لم آتِ لأنني 'أحتاجك'، فهذه الكلمة سقطت من قاموسي منذ زمن. جئتُ لأن العالم في الخارج يضجُّ بضرورة أن أكون 'سويّاً' حسب مقاييسهم. جئتُ لأمنحك الفرصة لتمارس عليّ طقوسك، لتقرأ عليّ تعاويذك الطبية، ثم في النهاية، سأقوم من مقعدي هذا لأثبت لهم أنك، وكلَّ ما تؤمن به، مجرد حبرٍ على ورق.. مجرد كلامٍ منمقٍ لا يملك أمام حقيقة خرابي أيّ سلطة." فافعل ما تشاء، أو اصمت كما تشاء، فالنتيجةُ واحدة." ساد صمتٌ خانق، لكنه لم يكسر برودي. شعرتُ بنظراته تخترق صدغي، لكنني كنتُ كالجثة، لا تؤلمها الطعنات. تحرك في مقعده، سمعتُ حفيف ثيابه، ثم قال بنبرةٍ جافة، خالية من أي شفقة مصطنعة: "هذه اللامبالاة التي تتلحف بها.. هي ليست قوة يا صديقي، هي 'تعب'. أنت متعبٌ لدرجة أنك لم تعد تقوى حتى على الغضب. حتى كرهك لي، أو لهذا المكان، يتطلب طاقةً لا تملكها الآن." ابتسمتُ بسخريةٍ باردة، نظرتُ إليه لأول مرة، كانت عيناي جامدتين كقطعتي زجاج: "الطاقة؟ وماذا سأفعل بها؟ هل سأغير العالم؟؟؟! هل سأرمم هذا الحطام الذي أسميه حياتي؟ لقد فات أوان الانفعالات. أنا الآن في مرحلة ما بعد الانهيار كما تُسميها، حيث يصبح كل شيء متساوياً.. الألم، الفرح، الموت، وهذه الجلسة السخيفة." لم يرتبك، لم يحاول إقناعي بعكس ذلك. اكتفى بوضع قلمه جانباً وقال بمرارةٍ تشبه مرارة كلماتي: "أتدري.. أخطر أنواع الوجع هو ذلك الذي لا يصرخ، ذلك الذي يجلس هادئاً، يراقب العالم وهو يحترق دون أن يرمش. أنت لا تطلب المساعدة، لأنك تعتقد أنك تجاوزت حدود البشر. لكنني سأخبرك شيئاً.. سأجلس هنا معك، في هذا العدم، لن نتحدث عن 'الشفاء'، سنتحدث فقط عن هذا الـ 'لاشيء' الذي يسكنك. ربما نكتشف معاً، أن حتى الفراغ له صوت." أشحتُ بوجهي عنه مرة أخرى، عدتُ لمراقبة تلك الذبابة التي سقطت أخيراً على الحافة. لم أشعر بشيء، سوى برغبةٍ عارمة في أن ينتهي الوقت، لأخرج وأكمل مسيري نحو لا شيء رأيكم اي بحاول من رسائل لمجهول اروح للجلسات النفسيه فهل انفع ولا لأ ؟؟
1
0