Marshmallow_28254 🇪🇬
منذ 10 ساعات
.
شعور قلق
جلسه نفسيه الجلسه الثانيه: مرايا مشروخه عدتُ إليه في الموعد المحدد، لا شغفاً بل ترفاً في ممارسة دور "المنتصر". دخلتُ الغرفة وأنا أرتدي ذات القناع الجليدي، جلستُ على مقعدي كملكٍ مخلوع لا يزال يؤمن بمجد حرائقه. نظرتُ إليه، كان لا يزال يحتفظ بذات الهدوء المستفز، ذات الابتسامة الباهتة التي توحي بأن لديه متسعاً من الوقت لمراقبة احتضاري البطيء. بدأتُ أنا، وبصوتٍ يقطر تهكماً: "ها قد عدت.. هل أعددت لي اليوم وصفةً سحرية من مجلداتك؟ أم أنك ستقضي الساعة في محاولة إقناعي بأن الشمس ستشرق غداً؟ أخبرك سلفاً.. شمسي انتحرت منذ زمن، ولا حاجة لي بضوئك المستعار." أطبق يديه فوق مكتبه، مال برأسه قليلاً كأنه يتفحص لوحةً سريالية غامضة، ثم قال بنبرةٍ لم أتوقعها: "أتعرف يا صديقي.. ما يدهشني ليس وجعك، بل حرصك الشديد على حمايته. أنت تتعامل مع ألمك ككنزٍ ثمين، تخشى إن شُفيت منه أن تصبح 'لا أحد'. تخشى أن تصبح عادياً، سطحيًا، تشبه هؤلاء الذين تسخر منهم في الخارج." تجمدت ابتسامتي للحظة. شعرتُ وكأن كلماته كانت يداً تسللت خلف أسواري ولمست العصب العاري. لكنني استجمعت برودي سريعاً وقلت: "عاديًا؟ ومن قال إنني أبحث عن التميز عبر الألم؟ أنا فقط أرفض أن أكون كذبة. هم يعيشون في كذبة السعادة، وأنا أعيش في حقيقة العدم. هل هذا ما تسميه 'حماية الألم'؟ حسنا أنا أحمي الحقيقة الوحيدة التي لم تخذلني." نهض من مقعده، مشى ببطء نحو النافذة، وظهره لي. كان صوته يأتي كأنه من بئرٍ سحيق: "الحقيقة التي تتحدث عنها هي سجنك الذي بنيته بقضبانٍ من الورق. أنت تظن أنك هنا لتثبت فشلي، لكنك في الحقيقة هنا لأنك 'تصرخ' بصمت. كل كلمة سخرية تقولها هي نداء استغاثة مشفر.. أنت تريدني أن أهزمك، تريدني أن أثبت لك أن هناك ما هو أقوى من يأسك، لأنك تعبت من كونه المنتصر الوحيد في حياتك." أمسكتُ بحواف المقعد بقوة، شعرتُ بغضبٍ لذيذ يغلي في عروقي. كان هذا أول شعور حقيقي يزورني منذ شهور. قلتُ بنبرةٍ حادة: "أنت واهم.. أنت مجرد قارئ أفكارٍ مبتدئ يحاول تحويل خيبتي إلى دراما نفسية. أنا لا أصرخ، أنا صامتٌ تماماً، وأتحداك أن تجد ثغرة واحدة في صمتي." التفتَ إليّ فجأة، كانت عيناه تلمعان بذكاءٍ حاد، وقال وهو يبتسم بسماجته المستفزة: "لقد وجدتُها بالفعل. غضبك الآن هو تلك الثغرة. أنت غاضب لأنني تجرأتُ ولمست 'قدسية' حزنك. أنت لست ميتاً كما تدّعي.. الموتى لا يغضبون، الموتى لا يتحدون أحداً. دعنا نتوقف عن تمثيل دور 'المريض الذي لا يُفهم'، ولنتحدث عمن تحاول معاقبته بكل هذا الجمود.. هل تعاقب العالم، أم تعاقب نفسك لأنك لا تزال، رغم كل شيء، تشعر؟" سكتُّ. لم أجد رداً. للمرة الأولى، لم يكن هاتفي يغريني بالهرب، ولم اجد ما يثير اهتمامي عنه. كان كلامه مرآةً مشروخة، تظهر لي أجزاءً من وجهي كنتُ قد نسيت وجودها تحت ركام اللامبالاة. خرجتُ من غرفته وأنا أشعر بخفةٍ مزعجة.. خفة من خسر وزناً زائداً لم يكن يدرك أنه يحمله. احب اعرف رايكم فيها
2
1